Admin Admin
عدد المساهمات : 658 تاريخ التسجيل : 13/06/2010
| موضوع: المساءلة.. ومواجهة الفساد الأحد يونيو 20, 2010 11:58 am | |
| المساءلة.. ومواجهة الفساد بقلم: د. إيمان مرعي كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن أهمية المساءلة وآلياتها المتنوعة التي تستخدمها الدول والحكومات في الحد من ظاهرة الفساد والوقاية من استشرائها. ومما لاشك فيه أن انعدام المساءلة يؤدي إلي انتشار وتفشي الفساد, وأن زيادة المساءلة بالتركيز علي النتائج التي يمكن قياسها قد تساعد علي الحد من الفساد.
وقد انشغلت الحكومات والدول علي مر العصور بمكافحة الفساد والحد منه, ومع ذلك باء الكثير من هذه المحاولات بالفشل. ويرجع ذلك إلي عدة أسباب أهمها: غياب الالتزام علي مستوي القيادة السياسية, واتسام وعود الإصلاح بالمبالغة في الطموح, أو قد تعتمد الإصلاحات بشكل أساسي علي المدخل القانوني وعلي الإجبار ومن ثم لا تتمكن من إحداث تغيير سلوكي, أو قد تستهدف محاولات الإصلاح صغار المفسدين وتتفادي مواجهة من في القمة, أو قد لا يصاحب إجراء الإصلاحات إنشاء آلية مؤسسية لضمان استمرار تنفيذها وبالتالي تنتهي فور انصراف من قاموا بالمبادرة.
وفي هذا السياق يعرف الفساد الإداري علي أنه' سوء استخدام السلطة العامة من أجل تحقيق مكسب خاص'. وتتعدد التعريفات لظاهرة الفساد الإداري بيد أن هناك صعوبة في التوصل إلي تعريف محدد, ويرجع ذلك إلي طبيعة الظاهرة نفسها والتي عادة ما تتم في جو من السرية والتستر.
وتعد المساءلة احدي أهم الآليات المهمة لمواجهة الفساد, وتعرف المساءلة بأنها' الالتزام بتقديم سجل أو تقرير عن مسئولية موكلة'. أما في الإدارة العامة فالمساءلة تعني' التزام المنظمات بتقديم حساب عن طبيعة ممارستها للواجبات المنوطة بهدف رفع كفاءة وفعالية هذه المنظمات'. وفي تعريف آخر, تعني المساءلة' الوسائل والآليات والممارسات التي تستخدمها الحكومات للتأكد من أن نشاط ومخرجات الجهاز الحكومي توافق وتلائم الأهداف والمقاييس الموضوعة له'.
والقضية المثارة هي مدي ملاءمة آليات المساءلة التقليدية, والمعتمدة بصفة أساسية علي مفهوم الالتزام بالقواعد والقوانين وتطبيق الإجراءات واللوائح, للتغير الحادث في نظم وتطبيقات الإدارة العامة. فمع الإصلاح الإداري الجاري في العديد من الدول وتبني الكثيرين لبعض مفاهيم الإدارة العامة الجديدة ظهرت الحاجة إلي مراجعة أساليب المساءلة التقليدية المستخدمة, والانتقال من مساءلة تعتمد علي الالتزام, إلي مساءلة تركز علي الأداء.
تجدر الإشارة إلي أنه من خصائص الإدارة العامة الحديثة تحسين أنظمة المعلومات والمتابعة بداخل المنظمات ومن خارجها, وإيجاد قدر أكبر من المنافسة في تقديم الخدمات, فضلا عن التركيز علي النتائج وانعكاس ذلك علي عقود التعيين ونظم الثواب والعقاب للأفراد بداخل المنظمة.
والمديرون في ظل الإدارة العامة الجديدة مسئولون بصفة شخصية عن أدائهم وفي الوقت نفسه لديهم مساحة أكبر من حرية التصرف, فيجب منحهم السلطة الكافية التي تمكنهم من الاختيار بين البدائل المختلفة من أجل الوصول إلي الهدف أو الغاية التي ينشدونها. وهنا يكمن التحدي للآليات التقليدية للمساءلة. علي سبيل المثال الحد من الأحكام والقواعد يتيح مجالا أكبر للخطأ وسوء التصرف, ولكن في الوقت ذاته كثرة القواعد والأحكام قد تؤدي إلي عرقلة العمل وربما توقفه, حين يمتنع الموظفون الحكوميون عن اتخاذ المبادرات إيثارا للسلامة ورغبة في عدم ارتكاب أخطاء يمكن ان يحاسبوا عليها. وهكذا فاتباع منهج إداري مبني علي النتائج قد لا يتلاءم مع آلية إلزام صارمة. وبالتالي فنظم وآليات المساءلة يجب أن تأخذ في الاعتبار الأولويات والعلاقات الجديدة في الإدارة. الأمر الذي يشير إلي أهمية التوصل إلي موازنة بين آليات إلزام كافية لردع الفساد, وأيضا غرس مستويات سلوكية عالية ونظم أخلاقية تعتمد علي الثقة والنزاهة.
حقيقة الأمر أن عملية المساءلة لها أبعاد مختلفة وتقوم بها فئات مختلفة من الفاعلين وقد تتم علي أكثر من مستوي داخل الدولة, كما تختلف آليات المساءلة من مجال إلي آخر, وتتنوع ما بين وجود نظام انتخابات حرة, إلي مراجعات مالية, إلي نظام مراقبة ومتابعة داخل المنظمة, إلي استجوابات في المجلس التشريعي, إلي كتابات في الصحف ووسائل الإعلام المختلفة, إلي مؤسسات مستقلة مهمتها مساءلة الجهاز الإداري الحكومي, وغير ذلك كثير. من أجل إدارة أفضل لشئون الدولة والمجتمع, ومن ثم هناك ضرورة لتدعيم آليات المساءلة بمختلف أبعادها.
وبالتالي تبرز أهمية توزيع الموارد والاختيار بين البدائل الاقتصادية والاجتماعية بطريقة مرئية وعلنية وخاضعة للمساءلة من أجل تخفيف حدة التنافس بين الأفراد والجماعات ومن أجل الحفاظ علي الاستقرار.
خلاصة القول.. إن هناك علاقة مباشرة بين الفساد في أنظمة الدولة من ناحية وغياب المساءلة من ناحية أخري فكلما تم تدعيم آليات المساءلة, قل الفساد وتقلص حجمه, والعكس صحيح. التوقيع بسم الله الرحمن الرحيم مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [العنكبوت : 41]
((مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ ، فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ ، وَمَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ نِيَّتَهُ ، جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ)) حديث شريف وصدق رسول الله (صلى الله عليه وسلم | |
|