- تعريف البحث الإجرائي
البحث الإجرائي هو نمط من البحوث يمكن المعلمين وعموم التربويين الممارسين ، من دراسة وفحص أدائهم ومواجهة المشكلات التي تعترض عملهم داخل الصفوف و المدارس وحلها.
إن البحث الإجرائي هو بحث عملي - تطبيقي ، يكون فيه الباحث ممارسا أيضا (المعلم)، ويحاول استخدام البحث كطريقة للتأمل فيما يقوم به من أنشطة واتخاذ القرارات المناسبة بغية تحسين الأداء .
إن أهمية الممارسة التربوية للمعلمين وجودتها تزداد حينما تستند إلى بيانات ناتجة عن ملاحظات منظمة وعن أساليب معروفة في جمع البيانات ، كما تزداد كلما وظفوا الطرق و الأساليب المنتظمة في مشاهداتهم وملاحظاتهم وفي جمع وتنظيم البيانات .
إن البحث الإجرائي عملية يقوم خلالها الممارسون بدراسة وتأمل ممارساتهم ، لحل المشكلات الواقعية التي تواجههم في عملهم ، بهدف عقلنة وعدالة وتحسين ممارساتهم التربوية والاجتماعية وفهمهم لطبيعة العملية التعليمية والبيئة والظروف و المواقف التي تنتظم من خلالها.
ولغويا فإن كلمة إجرائي نسبة إلى الإجراءات التي سيتبعها المعلم -الباحث لدراسة المشكلة ، لكن الأهم هي الإجراءات التي سيتخذها لحل المشكلة حلا مبدئيا ومؤقتا في البداية ، قبل أن يخلص للحل النهائي، بحيث يتمحور البحث الإجرائي على ملاحظة نتائج تلك الإجراءات - الحلول ، إما :
- للإبقاء عليها ودعمها؛
- أو تعديلها ؛
- أو تغييرها واستبدالها بإجراءات - حلول أفضل.
فهو إجرائي بالنسبة إلى الإجراءات العلاجية الأولية للمشكلة وهي إجراءات أولية شبيهة بما يفعله الأطباء معنا ، إذ يعطوننا دواء للعلاج بناء على تشخيصهم الأولي وربما تخميناتهم (فرضيات)حتى قبل ظهور نتيجة التحاليل ويلاحظون أولا تأثير ذلك الدواء فينا كما يلاحظون نتيجة التحاليل وبعدها يصفون العلاج "النهائي".
علما بأنه يوجد من يترجم Research Action بالبحث التدخلي أو البحث الفاعل، أي عندما يتدخل الباحث أثناء البحث ، بتنظيمات جديدة وإجراءات ( حلول) لتعديل الحالة -الظاهرة وملاحظة وتحليل آثار ذلك التدخل و التعديل. إن كلمة Action تعني العمل والنشاط ، بمعنى أن الباحث هنا لا يبقى مكتوف اليدين يلاحظ ويصف مثل الغريب ، بل يتدخل وينشط كفاعل ويحدث تغييرات بفضل وضع ترتيبات على الموقف و تقديم حلول للمشكلة ودراسة آثارها ( أي آثار تلك الترتيبات و الحلول) في الحالة( أو الحالات) أو المشكلة التي تعترض عمله اليومي و تعرقله.
مــــثــــــال
لاحظ ميشام Mecham ( 1970) ، أن ثلاثة تلاميذ في صف معالجة الضعف في القراءة لم يستجيبوا لطرق معالجة الضعف التقليدية . ولاحظ في الوقت نفسه أن ذكاء الأطفال عادي وليس لدى أي منهم مشكلة . كما لاحظ ميشام أن العامل المشترك في الحالات الثلاث هو أن والد كل طفل ، عانى من مشكلة التسرب حيث كان قد انقطع مبكرا عن المدرسة يوم كان طالبا فيها .
لقد قرر الباحث حل مشكلة ضعف الأطفال الثلاثة حلا عمليا ، فبدأ بحل مشكلة الضعف عند الأطفال من خلال آبائهم .لقد طلب من الآباء أن يسهموا في معالجة ضعف أبنائهم في القراءة على يد معلمي المدرسة ، وكان خلال ذلك يجمع الملاحظات ويحللها ويتأمل الإجراءات المتخذة وكل ما يرافقها من تغيرات ، واستخلص ميشام النتيجة التالية :
" إن مساعدة أولياء الأمور إذا توافرت في معالجة الضعف عند أبنائهم ، تسهم في معالجة هذا الضعف "..
( عن كابور اهلاوات ، 1995، ص.42).
وهكذا ففي التربية والتعليم ، فإن المعلم في الفصل هو المعني أساسا بالبحث الإجرائي ، الذي يلبي حاجاته ويسهم في حل مشكلاته .أما نتائج البحوث العلمية الأكاديمية( الأساسية أو التطبيقية ، الوصفية أو التجريبية ...) فعلى الرغم ، بطبيعة الحال ، من أهميتها القصوى في زيادة معرفتنا بالظواهر وما يصيبها من تغيرات وبالقوانين المتحكمة فيها وعلى الرغم من ضرورتها لتطوير العمل التربوي والنظام التعليمي برمته ،نقول ، إن نتائج تلك البحوث ربما قد لا تعني المعلم بشكل مباشر عندما تواجهه مشكلة محددة في ظروف خاصة ، وقد لا تنطبق شروط تطبيقها على واقع ممارسته اليومية ، لذلك فالمعلم عندما تواجهه مشكلة ، يبحثها إجرائيا ويكتشف الحل فيطبقه ويلاحظ نتائج تطبيقه ويحسن بالتالي ممارساته العملية.
.